من إعداد :الطالب الباحث عبدالرحيم العزاوي(ماستر الدراسات العقارية والقانونية). بكلية القاضي عياض مراكش.

 تمهيد :
إن التطورات الاقتصادية والاجتماعية أصبحت في الوقت الراهن تلعب دورا جد فعالا في توجيه القطاعات الحيوية، خاصة النشاط الاقتصادي. مما حدا بالمشرع إلى وضع قوانين تراعي كل الظروف رغبة منه في تحقيق الامن والاستقرار الاقتصاديين. ولعل المجال التجاري أكتر القطاعات صلة بالنشاط الاقتصادي، لما له من دور في تحريك والنمو بالنشاطين، ومن أجل ذلك فالتجار أصبحوا مرتبطون بإبرام عقود تجارية وذلك لتصريف نشاطهم وتحريك وتيرة دخلهم سيما ان المجال التجاري يتميز بالبساطة والسرعة والائتمان • ومن أهم العقود التي وجدت ضالتها في الميدان التجاري نجد عقود الوساطة ،والتي أضحت تهيمن على العقود التجارية ،ومن بين أهم عقود الوساطة ،عقد الوكالة التجارية و التي هي علاقة تعاقدية بين طرفين يلتزم حدهما(الوكيل)بالتفاوض او التعاقد بصفة معتادة بشأن عمليات تجارية لحساب الطرف الاخر (الموكل) مقابل أجر .
 وقد عمل المشرع في عقد الوكالة التجارية على حماية وضعية الوكيل التجاري باعتباره الطرف الضعيف في العقد ،وجعل الوكالة التجارية تتميز بخاصية جد فريدة لا نجد مثيل لها في باقي العقود وهي المصلحة المشتركة للوكالة التجارية • هده الخاصية افرزت أثر هام يستدعي الاحاطة به جراء إنهاء عقد الوكالة وهو حق الوكيل التجاري في التعويض وهذا ما أكدته المادة 402 من مدونة التجارة. ،وتتأطر هذه المادة ضمن الباب المخصص للوكالة التجارية المنظمة بمقتضى المواد 393 الى 404 من مدونة التجارة لسنة 1996 ، وقد نضمها المشرع للأول مرة حيت كان انعدامها في ظهير 1916 ،وقد أستقى المشرع المغربي أحكامها من التشريع الفرنسي خاصة ظهير 1991 .
 فما هو النظام القانوني الذي أقره المشرع بموجب المادة 402 من م ت للتعويض ؟ • يتبين من خلال المادة 402 ان المشرع المغربي أعطى للوكيل التجاري الحق في التعويض من جراء أنهاء عقد الوكالة التجارية وذلك في مبدأ و استثناء. • لذا تقتضي منا دراسة الموضوع بحته في فرعين ،سنعرض لمبدأ حق الوكيل التجاري في التعويض في الفرع الاول، على ان نتناول الاستثناءات الواردة على المبدأ في الفرع الثاني..

الفرع الاول: مبدأ حق الوكيل التجاري في التعويض

ان اثر المصلحة المشتركة للوكالة التجارية له نطاق واسع ،ومن بين هذه الأثار حق الوكيل التجاري في التعويض(أولا) ،ولأجل اقتضاء هدا التعويض وضع الشارع مسطرة خاصة به (تانيا) ، كما ان لهدا التعويض امتداد ليشمل الخلف العام (تالثا)حالة وفاة الوكيل التجاري.

 أولا :استحقاق الوكيل التجاري للتعويض

 لقد اكد المشرع في الفقرة الاولى من المادة 402 على حق الوكيل التجاري في التعويض جراء أنهاء عقد الوكالة ، باعتباره الطرف الضعيف في العقد وان انحلال العقد يشكل خسارة اكيدة للوكيل التجاري عكس الموكل الذي تزداد مداخله ،  وعليه فالوكيل التجاري يستحق التعويض دون النظر لما يقع للوضعية القانونية و المالية للموكل، فإذا فتحت مسطرة المعالجة في حق الموكل او انهى نشاطه التجاري او وفاته يبقى الوكيل التجاري دائنا له بذلك التعويض • استنادا  الى ذلك فالوكيل يستحق التعويض رغم كل شرط مخالف بنص الفقرة الاولى من م 402 اي ان الوكيل يستحق التعويض رغم وجود شرط يمنعه من ذلك ، فإدا وجد الشرط يعتبر كأن لم يكن ،لان المشرع ابطل كل الشروط التي تخرج الوكالة التجارية من نطاقها و تحرفها عن ذلك.
 تانيا: مسطرة الحصول على التعويض
 يقصد بالمسطرة هي الاجراءات القانونية التي خولها المشرع للوكيل لاقتضاء حقه ، وهو ما بينته الفقرة الثانية من المادة 402 ،وتبدأ مسطرة الحصول عن التعويض بتوجيه اشعار من الوكيل إلى الموكل يخبره بنيته في المطالبة بحقوقه في التعويض ، ولعل الملاحظة التي ابديها حول هده الفقرة هو ان المشرع لم يحدد شكل الاشعار لذا في نظرنا يجب على الوكيل توجيه الاشعار عبر المفوض القضائي او رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل ، اما بخصوص اجل المطالبة بالتعويض فحدده المشرع في سنة تحتسب ابتداءا من انتهاء العقد، اذن يتعلق الامر بسقوط الحق ،يستلزم على الوكيل التقيد به وإلا سقط حقه.
 ثالثا : سريان التعويض على الخلف العام
 أكدت الفقرة الثالثة من المادة 402 على حق ورثت الوكيل التجاري حالة وفاته في التعويض  وهذا لا يشكل خرقا لمبدأ نسبية العقود لان التعويض يتعلق بالذمة المالية للوكيل التجاري ،لذلك فمن المستبعد حرمان وورثته منه .

 الفرع الثاني:  الاستثناءات الواردة على مبدأ حق الوكيل التجاري في التعويض

 اذا كان مبدئيا ان الوكيل التجاري يستحق التعويض من جراء انهاء عقد الوكالة التجارية فإن هناك حالات وخارج القوة القاهرة تسلب منه هذا الحق، وتتمثل في ارتكابه لخطأ جسيم(أولا)و إنهائه الغير مبرر للعقد(تانيا)تم تفويته للعقد(تالتا).
 أولا: ارتكابه لخطأ جسيم
 لا يستحق الوكيل التجاري التعويض حالة ارتكابه خطأ جسيم ودلك بنص المادة 402 ، والخطأ الجسيم هو ما استحالت استمرار العلاقة التعاقدية معه . • ويتمثل الخطأ الجسيم للوكيل في منافسة الموكل و تمثيل موكل اخر منافس له دون الحصول على الموافقة منهم ،وكدا إفشاءه للسر المهني خصوصا المعلومات المتعلقة بالصنع والانتاج والسياسة الاقتصادية للموكل ، ويستحق الوكيل التجاري التعويض اذا كان ارتكابه للخطأ الجسيم كان بسبب يعزى للموكل كأن لا يوفر له الاليات لتنفيذ مهمته.
 تانيا: الاستقالة الغير المبررة
 يحرم الوكيل التجاري من حقه في التعويض اذا ما انهى عقد الوكالة التجارية بإرادته المنفردة دون اي سبب يعزى للموكل او اي سبب خارج عن ارادته كتقدمه في السن او اصابته بمرض ا و عاهة مستدامة.
 تالثا: تفويت العقد
 تفويت العقد او نقل الالتزام من قبل الوكيل لا يخول له الحق في التعويض • ولتفويت العقد يستلزم مجموعة من الشروط مرتبطة بنظرية احكام الالتزام و خاصة انتقاله ،و لعل المشرع في المادة402 ذكر شرط واحد وهو موافقة المحال عليه الذي هو الموكل مما يستدعي الرجوع للقواعد العامة المتعلقة بباقي الشروط.
.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة